من أجل روحك
عندما
ينطفئ ذلك النبراس، فتصحب الظلمة المتفشية تعثر دخول الهواء ليملأ رئتيك، تكرر
المحاولة ، فيزداد الألم الناخر فى عظام صدرك و لا تمتلئ رئتاك.
يرى
بعض معلمى اليوجا أن روحك هى النفس الذى تنظمه ولوجاً و رحيلاً، فبإنقطاع النفس،
يصير جسدك بلا حياة، لأن الروح قد فارقته أخيراً لتعود حرة من جديد إلى برزخها
الأصلى بلا جسد طينى يقيدها ثقله و علاته.
عندما
انطفأ هذا النبراس، بفعل ما و من حولك، و رغم إدراكك لتلك العلة التى أصابتك و
جديتك فى البحث عن علاج لها، لا يتغير شئ، تستمر الظلمة و كأن كل محاولاتك ذهبت
أدراج الرياح ،و تبعثرت فى أرجاء الكون ، كأنها يوماً لم تكن. ذلك لأنك تحاول
الشفاء من العلة فى نفس المحيط الذى أصابك بها. كى تشفى لابد لك من الرحيل و لو
مؤقتاً، و لكنك يجب أن ترحل، يجب أن تتخلص من تلك الأثقال التى تجذبك لأسفل بينما
تحاول أنت التحليق.
عندما
يتملك اليأس من الإنسان و يستشرى التخبط فى جنباته يصبح من العسير أن يرى بوضوح،
فيحطم العجز ما تبقى له من جلد و بأس، فيبدأ عقله الباطن فى نسج شباك الخديعة
الكبرى و يقنعه بأن من كان و مازال السبب فى معاناته هو طوق جناته الوحيد لأنه
ببساطة لا يمتلك سواه. ولكن يظل بداخله أثر تلك الجراح القديمة،التى لا تقبل
بالصمت خيار، فتبدأ بإرسال الأوجاع إلى سائر جسده عله يتذكر، و لكنه يخشى التذكر،
يخاف من مجابهة حقائق حياته، فبدلاً من أن يعدل عن الارتماء فى أحضان من أجهده،
يبدأ بإسقاط تلك الأوجاع و المنغصات على من حوله مما لا ذنب لهم، و ربما كانوا هم
أيضا ضحايا لنفس الشخص، فيجد نفسه حبيس دائرة مغلقة، يستطيع كسرها و لكنه يخاف من
النتائج، يردعه الخوف فيبدد عمره بلا حياة حقيقية، حياة ماسخة، لا تستقر بها
الألوان المبهجة سوى دقائق معدودة لا يتذكرها لأن السواد قد تملك بالفعل من عقله و
مشاعره و جسده، فاختنقت الروح فلا هى عادت إلى برزخها و لا هى اندمجت فى الدنيا
الزائلة.
عندما
تدرك علتك و تحاول البحث عن الشفاء، لن تجدى تلك الرحلة نفعاً إن كنت محاطاً بنفس
الظروف و نفس الأشخاص، لا يعينك أحد بشكل فعلى،و عملى ، فتجد نفسك تعود كلما تقدمت
خطوة إلى نفس النقطة التى انطلقت منها، حتى تخور قواك و تستسلم.
إن
أحببت أحداً بصدق فأطلق سراحه و دعه يبحث عن دوائه إن كنت لا تمتلك الدواء، و تخلى
عن تلك الأنانية فى تملكه و السيطرة عليه حتى و إن أنكرت تلك الحقيقة.
دينا الدخس

Comments
Post a Comment