عندما صرخ الجسد
1- بوابة الخلاص
طالما رفضت الإيمان بفكرة الصدفة و عبثية
الكون التى يحاول البعض إقناع البعض الآخر بها،فالدقة التى خلق عليها الكون تتنافى
تماما مع فكرة العبثية و بالتأكيد الصدفة. فلكل حدث هدف و كل شخص نتعثر به خلال
رحلتنا يظهر لهدف و ليس صدفة نشأت من عدم بلا مبرر.لذلك.....أرادت أن تصدق أنه ظهر
لها كى يعيد عليها أمل قد تلاشى، وأده البشر داخل فؤادها المزدحم بندوت جراح
التأمت على أوجاعها.أمل يحوى ممكنا جديدا، وجود شخص من هذا الجنس الأنانى يمكن
الوثوق به، حبه، مصارحته، و الاتكال عليه دون مخططات و ادعاءات مرهقة،تبتبلع طعوم
الحياة لتحيلها مسخا بلا هوية.
ظهر كبوابة أمل، طاقة من نور تجلى فأنجلى به
الطريق و انقشع فى حضرته بعض الظلام الذى تغوص فيه بلا منقذ. ربما أحبت فكرته
المميزة، ربما أسقطت عليه كل آمالها و خيباتها و أرادت أن تجعله العين الجديدة
التى تطل منها على مستقبل غير الحاضر الذى علقت فيه.
رأته على أحد مواقع التواصل الافتراضى، لم
يكن يعرفه أحد و لكنها من نبرة صوته آمنت بغده المشرق، آمنت بثراء شخصيته و روحه
حتى قبل أن تعرف شيئا عنه، و عندما بحثت تأكدت أنها أصابت.
رجل يبحث عن ارتقاء روحه، يسافر ليبحث عن
ذاته، و يهذبها ليصير شخصا أفضل. رجل أحب الفن فغير مسار حياته و سعى خلف طموحه.
يميل إلى البساطة فى العيش.يعشق الطبيعة و يحترمها. يحترم الحيوان احترامه
للإنسان.
صوت يحدث الشرايين فيحدث مصابه فى الفؤاد.
قررت أن تنفض تلك الفكرة و أن تعود إلى رشدها
و تكف عن الانغماس فى هذا الوهم الذى يتعاظم حجمه كلما غابت شمس وولدت أخرى، و
لكنه سعى خلفها فى المنام، جاء ليوقظ داخلها ذلك الشعور، جاء ليزيد من بأس هذا
الخيط الذى يشدها إليه، جاء ليقول لها أان ما يحدث هو عودة الذاكرة إلى أرواحنا،
روحان تائهان ينتميان لبعضهما البعض و لكنك أدركت ذلك قبل أن أدركه.
القطار متوقف، لا يبدو أنه سيتحرك قريبا،
الركاب صامتون لا يصدر عنه ضجيج تسامر أو امتعاض، يرتدى زيا خفيفا بسيطا و يحمل
حقيبة تبدو فارغة على إحدى كتفيه، يشير إليها لتتبعه، فينزل من القطار و تتبعه هى
فى طاعة و سلام. ينظران حولهما فلا يجدان سوى خرابة ممتلئة
"بالزلط".يتحرك بصرهما يمينا و يسارا. فاليسار مسدود تماما لا يبدو أنه
يخبئ خلفه طريقا أو منفذ،و اليمين تل من زلط و تراب.يحاولان الصعود سعيا للشمس
التى يخفيها،و لكنهما يتعثران،ليكتشفا أنه ليس من صنع الطبيعة، بل من صنع بشرى
صنعه من معادن و غطاه بالزلط و الرمال.فشلا فى الصعود سويا. ثم...اختفى هو و شعرت
بالضياع و الوحشة. و لكنها رأته بوحى فى مكان مرتفع تغطيه الأشجار الوارفة،أخضرها
ناصع بهى، و لكنه كان يتألم، و يصرخ، رأت جلده ينسلخ عنه،فظهرت لها اختها
لتطمئنها" سيعود إليك، إنه مريض و لكنه فى آخر مراحل المرض و أسوأها، لقد كنت
أعانى أنا الأخرى من هذا المرض و شفيت... لا تقلقى... سيعود"
عادت إلى الواقع و الحيرة أكبر من ذى قبل،
حتى جاء إلى مدينتها، نظرت إليه فى عينيه، تحدثت معه، دخل حياتها على الموقع
الافتراضى بحذر كبير و غموض أكبر.
و ظهر ذلك المدرب الهندى الذى حاول اتودد
إليها و استشف أنها تحبه فقال لها" لاتضعى الكثير من الأمل فلديه امرأة فى
حياته"
فاظلمت الدنيا....
و بعدما كان يجيب و يتحدث بدأ فى التهرب، لم
تعلم أبدا ما حدث و لم تفعل شيئا يكشف عن احساسه العجيب أو ربما فعلت لا تعلم...
فقررت الفرار من هذا الشبح مرة أخرى، و عندما
ظنت أنها بدأت فى التعافى،عاد من جديد يقض منامها ، ليظهر لها فى البيت مهموما
منشغلا، ثم يريح رأسه على فخذيها، فتضع يدها على رأسه لتجد شعره كله و قد تحجر، و
علمت أنه يبحث عن دواء له...
ثم حلم آخر بملك عظيم، تحمل على ذراعيها
ابنتها منه و بجانبها وصفتها المخلصة،
كلاب بألوان متباينه تتصارع سويا ، تقفز فى الهواء، تتطاير حولهم و لكنها
لا تمس أيا منهم بسوء، و حرسه يخرجهم من خلال نافذة مكسورة تطل على معبر خشبى فى
حجرة مظلمة، يمران من خلال الحواف عندما اكتشفوا وجود ماء أسفل الاسطوانات
المتحركة المختبأة أسفل أوالح الخشب، ليصلوا الجهة المقابلة عند شباك آخر مكسور.
تحاول الخروج من تلك القصة و لا تستطيع، كلما
قابلت أحدا تتساءل بحسرة لماذا!! ألأا أستحق أن انال تلك الفكرة التى تشبهنى رغم
اختلافنا، ألا أستحق أن تتحقق أحلامى فى شئ. أليس من حقى أن أتمنى فأجد؟!
كلما حاولت الابتعاد، تتمسك به أكثر. ربما
رفضها لوجود مستحيل، ربما شعورها بأنها هى المستحيل الذى يجب أن تسعى فكرتها إليه.
ربما تتشبث بفكرة و ربما الأمر روحانى أكثر.
و لكنهت لا تستطيع أن تكبح جماح تساؤلاتها المتعطشة، "لماذا أريتنى إياه يا
الله، لماذا تقابلنا ثم تحدثنا ثم تلاشى كل شئ؟ هل هذا عقاب أم رسالة لم أعيها؟ هل
تحثنى على التمسك بذلك الاحساس أم تعلمنى درسا جديدا فى عدم التعلق و التأقلم على
الفراق و عدم تحقق الأمنيات... كالعادة.
لا أعلم... كل ما أعرفه... أننى تعبت.
2-الغرفة الباردة
هذا الركن الوحيد، حبسها الاختيارى،حيث كل شئ على المشاع. الأوجاع و
الأحلام و الأفكار الخبيثة و حتى الوحدة و العزلةن كل على المشاع، كل منتهك ، مباح
بلا احترام لخصوصة أو آدمية.دون احترام لرغبة فى الاستمتاع بجلسة مع الذات، أو
التركيز فى محاولة بائسة للإبداع. كل منتهك، كل مباح.
يفتح الباب بأسلوب زوار الليل،كل مرة تكاد تصاب بسكتة قلبية أو دماغية حسب
المرحلة التى تكون فيها. ينفتح الباب و هى نائمة و لكنها غير مرئية، تدور النقاشات
و الضحك والصراعات حتى كادت تتيقن من كونها لاترى، لاتوجد،لا تستحق الآدمية.
كم أكره تلك الغرفة التى يشاركنى فيها الجميع، كم أكره تلك البرودة التى
تطبق على أنفاسى كلما ولجت فيها.كم أكره تلك الطاقة الكامنة بداخلها تكاد تبتلعنى
و أقاوم حتى لا أختفى . أكره هذا الفراش غير المريح، أكره الركن الذى يكاد يسرق
الروح منى، لا أنام جيدا، لا أختلى بذاتى كما أريد لا أستطيع أن أرتب يومى كما
أشاء لأننى و إن ظنوا العكس... لست حرة
أكره الحوارات المكررة، الحوارات السخيفة التى لا تعنينى بالمرة، الإصرار
على الزج بى داخل حوار و إجبارى على التكلم عندما ـوق إلى الصمت و أحتاج إليه.
أكره اضطرارى إلى التكرار
أكره عجزى عن الكلام أو فقدانى للطاقة حينما لابد لى من البوح
أكره إجبارى على فعل لا أريده و أكره التفرقة
أريد أن أخرج من ذاك المنزل
أريد أن أستقل بذاتى حتى أتنفس
حتى وحدتى التى أريدها سلب من حق الاستمتاع بها
أنا لا أتبطر
أنا فقط لا أنسجم
لم يعد يكفينى ما أنا فيه
و لم يعد فى طاقة لإدعاء العكس
أريد أن أصرخ و أقول كل هذا
أريد أن أسب و ألعن كل من جرحنى
كل من حفر بداخلى جرحا تركه يتلوث فمات على أثره موضعه
أريد أن أسامح و لكن كيف و أنا مازلت غير حره
كيف للسجين أن يسامح
4- الصوت الذى أمقته
أكره صوته و حضوره يشعرنى بتوتر عجيب و رغبة
ملحة فى الاختباء و الاختفاء كالفأر فى جحر حتى يرحل الصياد.
طالما خاب أملى فيه، و كلما حاولت أن أفتح
بابا جديدا أن أستوعب مشككة فى فهمى و شعورى ، يخلق ألف باب جديد.
هو مدعى ، متمسكن،غير صادق، لاأرى فيه
الرجولة الحقة. أرى فيه شخص يهوى الاختباء خلف غيره و إلقاء المسؤولية على عاتقهم.
أراه يبحث عمن ينتقده و يمارس عليه دور الحكيم، السيد رغم أنه أول من يتهرب من
المسؤولية. هو يعمل فقط و يريد أن يدفع الجميع ثمن اختياراته و لا يكفيه ما دفع
حتى الآن. ينتهز أول فرصه ليعيب فيها و يلعن حظه العثر الذى أوقعه فيها. و يتمنى
لو لم يتزوج و اكتفى برجل عجوز يخدمه!
لم أعد قادرة على الكتابة عنه. فهو لم يكن
يوما أبا حقيقيا لى. بل عبأ روحى و نفسى بسموم و هموم و شروخ كدت أجن كثيرا بسببه
و لا أعرف حقا كيف صمدت حتى تلك اللحظة .
يبثق فى الحمام فى أى موضع. أشعر بالغثيان و
النفور منه. يفتى و يفتى دون علم. يقرأ لفلان يمدح علان فيصفق ثم يذمه فيصفق
مجددا.
دائما كان يثبطنى و يقلل من شانى و ينتقدنى.
أتعلمين أمرا؟؟؟ أنا حقا أفضل منه. ذلك الذى ألقى بسؤولية الأبوة و ذم فى زوجته و
حملنى و أنا طفلة عبئا و حملا ليس تبعى.ذلك الرجل الذى تبع الدجالين و رفض أن
يعترف بأن المشكلة "هو" لا شئ
آخر. لا يريد أن يعترف بالخطأز فهو المضحى القديس الذى لا يخطئ.
أكره صوت ضحكته المدعية، أكره تتفيهه للأوجاع
و الأمور، و مسكنته و شكواه التى لا تنقطع.
لا أريده أن يلمسنى و لا أريد أن أنظر فى
عينيه فيرى انكساره فيها
أكره عندما يستغل افنعال أمى فيبث سمه ليفسد
الأمر بيننا. أمى التى طالما لوت الحقائق و آلمتنى و كأنها تريدنى أن أدفع ثمن
عذابها.
أمى التى أرادت ترحيلى إلى جد لم أكن رأيته
أمى التى انهالت على جسدى بحزامه من أجل مرآة
شرخت
أمى التى جرحتى و طعنتنى
أمى التى هدتتنى بأنها ترى ماذا نفعل و أين
نذهب فخدامها تحت الأمر
أمى التى ندمت و بكت
امى التى لم أتمكن من كرهها أبدا
"أريد أن أشفى و لكن كيف لى الشفاء و
أنا عالقة فى نفس بيئة الداء!!"
3- الثمن الذى أدفعه مقابل اللاشئ
ذلك اللعين الذى لا يفارقنى يرفض أن يمهلنى بعض الوقت.يقطع فى بلا رحمة.
آلام تنخر فى كل شبر بجسدى البالى،هذا الوعاء الذى بُليت به. كلى يؤلمنى يا إلهى،
رأسى يكاد ينفجر و قدماى تعجزان عن المضى أكثر من ذلك.
أعجز عن ممارسة الرياضة التى أحبها
أعجز عن نشر ما أكت
أعجز عن شراء كاميرا و العمل على معرض
أعجز عن إتمام دراسة الفن و عن إقامة معرضى الخاص
أعجز عن لشعور بالراحة و السعادة
مشدودة أوتارى و أعصابى و كثيرا ما أضبط نفسى متلبسة و أن فى غاية التوتر
لا أشعر بالسعادة فى ها العمل فهو لا يشبهنى
أريد أن أسافر لأدرس اليوجا و أعود لأدرسها
أريد أن أدخل عالم التمثيل ربما تكون الشخصيات عزائى متنفسى و سلوانى
ضيق حال من كل اتجاه
لا مال و لا حب و لا نجاح يعنينى
لا أتمرد على الله و لا أقنط من رحمته صدقا لست كذلك. فى إحدى فترات
الماقومة و النهوض بعد سقوط مجوى، عندما بدأت أتعرف على عالم التصوف ووجدت نفسى
فيه أو ربما هو من وجدنى كنت أشعر بقربى من الله.بدأت ممارسة اليوجا و كنت أشعر
بأن هناك أملا ينتظرنى. و لكن انهارت مقاومتى، ربما لم اعد قادرة على لعب هذا
الدور اللعين
لست ملاك
لست قديسة
لست حكيمة
لست مشفى لمداواة المرضى ليخرجوا منه أصحاء بعد أن أمرضوها
أريد ان لأقول أننى ضعيفة، أحتاج للمؤازة
أريد أن أصرخ و أجن
أريد أن أخرج نفسى الحبيسة داخل "دينا المجتمع"
" أشعر بالأسى على حالى، بالعوز و الاحتياج بلا
معين فيزداد شعورى بالضعف و العجز. أشعر بأننى غريبة عنى، لا أعرفنى و لا أتذكر
كيف كنت"
لا أرى القادم. فقط أنتظر النهاية
ربما لا تحقق الأمنيات لأننى لم أخلق لها. ربما لا أستحق و ربما أنا لم
أوجد قط.

Comments
Post a Comment